تقارب الزمان من
علامات الساعة التي نعيشها .... الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على
سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد : *** اخرج الترمذي عن انس بن
مالك قال : قال رسول الله صلى الله
صلى
الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر
والشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة
كالضرمة بالنار ) قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه وسعد بن سعيد هو
أخو يحيى بن سعيد , وصححه الألباني . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال (يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى
الشح ويكثر الهرج قالوا وما الهرج ؟ قال القتل ). متفق عليه . وعن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا اقترب الزمان لم
تكد رؤيا المؤمن أن تكذب وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا والرؤيا ثلاث فالرؤيا
الصالحة بشرى من الله والرؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به المرء
نفسه فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس قال وأحب
القيد وأكره الغل والقيد ثبات في الدين ) رواه أبو داوود وصححه الألباني .
وعن أبي هريرة مرفوعا : ( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة
كالشهر ويكون الشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون
الساعة كاحتراق السعفة أو الخوصة ) أخرجه احمد وأبو يعلى وابن حبان وصححه
ابن كثير . *** فهذه العلامة من علامات الساعة من أوضح العلامات وأظهرها
اليوم إذ أننا نشهد وقوعها اليوم ونراها واضحة جلية فالوقت يمر على الناس
بصورة سريعة تدعو للدهشة والتأمل . فلا بركة في الوقت حتى يخيل إلى الواحد
أن السنة كالشهر والشهر كالأسبوع والأسبوع كاليوم ولا اصدق من وصف النبي
صلى الله عليه وسلم . وتعددت أقوال أهل العلم في بيان معنى تقارب الزمان ,
يقول يوسف الوابل في كتابه اشراط الساعة وللعلماء أقوال في المراد بتقارب
الزمان : 1 – أن المراد بذالك قلة البركة في الزمان . قال ابن حجر : قد وجد
في زماننا هذا , فإننا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن نجده في العصر
الذي قبل عصرنا هذا . قلت : كيف لو رأى زماننا اليوم ! 2 – أن المراد بذالك
هو ما يكون في زمان المهدي وعيسى عليه السلام من استلذاذ الناس للعيش
وتوفر الأمن وغلبة العدل وذالك أن الناس يستقصرون أيام الرخاء وان طالت
وتطول عليهم مدة الشدة وان قصرت . 3 – أن المراد تقارب أحوال أهله في قلة
الدين , حتى لا يكون منهم من يأمر بالمعروف وينهى عن منكر لغلبة الفسق
وظهور أهله وذالك عند ترك طلب العلم خاصة والرضى بالجهل وذالك لان الناس لا
يتساوون في العلم فدرجات العلم تتفاوت كما قال تعالى ( وفوق كل ذي علم
عليم ) , وإنما يتساوون إذا كانوا جهالا . 4 – أن المراد تقارب أهل الزمان
بسبب توفر وسائل الاتصالات والمراكب الأرضية والجوية السريعة التي قربت
البعيد . 5 – أن المراد بذالك هو قصر الزمان وسرعته سرعة حقيقية وذالك في
آخر الزمان . وهذا لم يقع إلى الآن ويؤيد ذالك ما جاء أن أيام الدجال تطول
حتى يكون اليوم كالسنة وكالشهر وكالجمعة في الطول فكما أن الأيام تطول
فإنها تقصر وذالك لاختلال نظام العالم وقرب زوال الدنيا . انتهى كلامه .
قلت ونحن اليوم نشهد بوضوح هذه المعاني لتقارب الزمان فلا يوجد بركة في
الوقت وأصبح الناس يتحدثون عن السنوات وكأنها أشهر ناهيك عن الأيام
والأسابيع ! وكذالك فان من يعيش في الغنى الفاحش اليوم من الناس فانه
سينطبق عليه المعنى الثاني فيستقصرون أيام الرخاء بخلاف أهل البؤس والفقراء
والمساكين فإنهم يستطيلون أيامهم . واليوم يعيش المؤمنون غربة الدين
وزماننا هذا القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر ولان المؤمنين يعيشون
اليوم في هم وكرب عظيم لا يعرفه غيرهم ولذالك فهم يستطيلونها ويتمنون الفرج
من الله تعالى . وقد تقارب أهل الزمان في الجهل وانتشار أهل الفسق والفجور
والرويبضات التافهين فتقاربت أحوال أهل الزمان في قلة الدين وتقاسموا
الغثائية فيما بينهم . وكذالك تقارب الزمان بسبب توفر وسائل الاتصالات
والنقل فأصبحت المسافات البعيدة تطوى في لحظات بخلاف العصور الماضية الذين
كانوا يمكثون الأشهر والسنين للانتقال من مصر إلى آخر , فهذا المعنى واضح
وجلي وظاهر لكل ذي عينين . وبقي التقارب الحسي فانه قد يحدث هذا التقارب
بشكل محسوس فتكون السنة كالشهر والشهر كالأسبوع والأسبوع كاليوم واليوم
كاحتراق السعفة , فإذا وقع هذا الأمر فان كل المعاني التي ذكرها أهل العلم
ستنطبق على الواقع . وكما أن الأيام ستتقارب فإنها ستطول كذالك ففي أيام
الدجال يصبح يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة , وهذا اليوم الطويل هو من ابرز
علامات خروج الدجال . فعند أبي داود من حديث النواس بن سمعان قال ذكر رسول
الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال ( إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه
دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم فمن
أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف فإنها جواركم من فتنته قلنا وما
لبثه في الأرض قال أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه
كأيامكم فقلنا يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم
وليلة قال لا اقدروا له قدره ثم ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء
شرقي دمشق فيدركه عند باب لد فيقتله ) أخرجه أبو داوود وصححه الألباني .
فهذا الحديث يبين أن أيام الدجال يحصل فيها طول حسي للأيام فيوم كسنة ويوم
كشهر ويوم كجمعة , ويكون هذا بشكل محسوس ولذالك سأله الصحابة عن الصلاة في
تلك الأيام الطوال فقد فهموا أن هذا الأمر سيكون بشكل حسي . وفي حديث أبي
هريرة السابق (إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن أن تكذب وأصدقهم رؤيا
أصدقهم حديثا ) هذا فيه أمر مشاهد اليوم وهو تحقق رؤى المؤمنين فما أن يرى
المؤمن رؤيا حتى تقع كفلق الصبح وهذا من رحمة الله بعباده المؤمنين في زمن
غربة الدين وتكالب الفتن وقلة المؤمنين , فيسلي الله المؤمن بالرؤى رحمة
منه وفضلا فيخفف ذالك عنهم ويسليهم ويخفف مصابهم وغربتهم . وهذا من الأمور
المشاهدة والواضحة اليوم والتي تحقق وقوعها كما اخبر النبي صلى الله عليه
وسلم . والله اعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
موضوع رقم… 4153 -*- مساهمة رقم… 22167 |
|