الرقابة الأُسَرية والعطلة الصيفية/عاهد ناصرالدين
بدأت العطلة الصيفية للطلاب والطالبات ؛ يبتعد فيها الطلاب عن مقاعد الدراسة، وتشكل منعطغا خطيرا في حياة أبنائنا ، إن لم نحسن تربيتهم ومراقبتهم .
قسم من الطلاب يقضي إجازته في الشوارع تحت الشمس المحرقة بجانب الإشارات الضوئية في مفترقات الطرقات ، يبيعون ويشترون ، ويتسولون ، وقسم يقضي إجازته في مقاهي الإنترنت ،وقسم يقضي إجازته مع رفقاء السوء، فينعطف نحو الإنحطاط والتردي .
وقلما تجد من يعتني بأبنائه ، وينتبه إليهم ويراقبهم ويرسلهم ويوجههم نحو ما يحفظ تربيتهم وينمي عقولهم .
تبدأ مع العطلة الصيفية مسيرة الغفلة والبُعْدِ عن طريق الخير والإستقامة.
فكيف نجنب أولادنا هذا المصير الخطير؟
وكيف نحميهم من هذا الشر المستطير ؟
إن ديننا الإسلامي الذي أكرمنا الله – عز وجل - وجاء به نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -، قد علّمنا وأحسن تعليمنا، وأدّبنا وأحسنَ تأديبنا، وحذّرنا من كل سوء وانحراف، وبين لنا المنهج الصحيح للوصول إلى السعادة والطمأنينة، والإستفادة من أوقات الليل والنهار، بما يعود علينا بالنفع في الدنيا والآخرة ، ويبعدنا عن الأخطار والأشرار .
من الأمور الهامة في هذا المجال تربية أبنائنا على أساس العقيدة الإسلامية منذ نعومة أظفارهم ، وهذا أمر لازم لا بد منه .
والذي أريد التركيز عليه في هذا المقال قضية الرقابة الأسرية التي تحفظ أبناءنا من كل سوء ؛ خاصة أن أبناءنا محط أنظار أعداء الأمة واهتمامهم .
فما هي الرقابة ؟ وكيف تكون ؟
ورد في لسان العرب " رقب: في أَسماءِ اللّه تعالى: الرَّقِـيبُ: وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ؛ فَعِـيلٌ بمعنى فاعل.
وفي الحديث: ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم. وفي
الحديث: ما مِن نَبـيٍّ إِلاَّ أُعْطِـيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه. والرَّقيبُ: الـحَفِـيظُ. .... ورَقِـيبُ القومِ: حارِسُهم،....
ليَحْرُسَهم. والرَّقِـيبُ: الحارِسُ الحافِظُ. "
فالرقابة تعني الحفظ والحراسة ،
إن لم نقم نحن بحراسة أبنائنا وحفظهم ، فمن الذي سيحرسهم ؟
هل نتركهم فريسة للأعداء والمنحطين فكريا ؟
هل نتركهم مع وجود الإصرارعلى ضرب وهدم الإسلام في نفوس أبناءنا،وخرق النظام الإجتماعي ، وإسقاط كل القيم ؛تحت عناوين الحرية الشخصية ؟؟؟!!!!.
ألا يحتاج هذا منّا إلى مزيد من العناية والرقابة ؟؟
وقد يقول بعضهم :«كل ممنوع مرغوب»فكل ما سعيت للمنع كلما ساعد ذلك على خلق جيل مقاوم يعشق الإستطلاع والتجديد والتحدي... فبات يرفض أن تقيد حريته... ومن هنا تظهر رؤية مضادة لفكرة الرقابة سواء أسرية أو اجتماعية .
أصحاب هذه القول يدّعون أنهم يمتلكون الرؤية الصحيحة ، تحت شعار«كل جيل وله صفاته واحتياجاته وتطلعاته...»
لذلك يدْعون لخلق أجواء من الإنفتاح بدرجة ما ؛ بحيث تحقق عنصر التنفيس للطاقات بعيداً عن الرقابة ,
وآخرون يقولون: دع الحياة تسير، علينا أن نواكب كل جديد .
فهل نترك أبنائنا لهؤلاء ولغيرهم ؟؟؟
فما أحرى بنا كآباء وأمهات أن نعمل على صنع الرقابة الداخلية في قلوب أبنائنا لينشأوا على المبدأ السليم ؛ الذي يحميهم ويقيهم من الإنحراف والأمراض الإجتماعية ،كانعدام الإحساس بالمسؤولية فيكون أكثر تحصيناً ومنعة من أن يخترق بأي شكل كان.
حري بنا أن نتابع أبنائنا ؛ فالتربية عملية مستمرة لا يكفي فيها توجيه عابر ، إنما يحتاج إلى المتابعة والتوجيه المستمر، كذلك يصاحب هذه الصفة صفة أخرى وهي القدرة على التقويم والتصحيح الفعّال والمؤثر الذي قد يكون قاسماً للنجاح في هذا الحقل أو عدمه.
لا شك أن سنوات الطفل الأولى هي من أخصب أوقات التلقي والتأثير لديه، وهي المرحلة المثالية لغرس الخصال الجميلة فيه، ولسنا بذلك نوهن بقية المراحل ونغض من طرفها، بل ربما كانت تلك المرحلة يتسم بها الطفل بالقدرة المذهلة على التلقي والإكتساب، فلا بد من الإعتناء بالطفل في المراحل الأولى من حياته .
إن الأولاد والشباب نعمة من الله تعالى ومِنحة، فلا نجعلها مِحنة ونقمة، فلنرشد أولادنا إلى الخير، ولنعلّمهم كيف يستغِلّون أوقاتهم بما ينفعهم وينفع الأمّة الإسلامية ، وذلك بإرشادهم إلى تلاوة وحفظ القرآن الكريم كلّه أو ما تيسّر منه، وبقراءة أحاديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، وحياة صحابته الكرام رضي الله عنهم ليأخذوا منها العبرة النافعة والأُسوة الصالحة .
لنعلم أبناءنا الجِدّيّة في حياتهم ، والحذر من التسيُّب والفشل، والإبتعاد عن العجز والكسل، وأن يعتزّوا بدينهم الحق.
ولنحافظ على شخصياتهم ، ليرفعوا شأن أمة الإسلام؛ فلا يضيّعوا أوقاتهم فيما لا يفيد .
إنَّ تشاغل الأبوين عن أداء دورهم ومهمتهم، أو عدم اهتمامهما بذلك، لا يصنع الرجال الرجال فحسب ؛ بل هو التدمير بعينه .
إن أبناءنا يعيشون في وسط وبيئة تؤثر عليها وسائل الإعلام الصوتية والمرئية والمقروءة والتي تبث قليلا مما ينفع وكثيرا مما يؤذي ويضر بعقول أبنائنا .
وإن ترك الأطفال لوسائل الإعلام بلا رقابة أو أدنى اهتمام، خاصة تلك الأفلام التي تنخر في جانب العقيدة، والحرب اليوم مركزة على الطفل والإحصائيات في حقائق الأفلام أو الألعاب التي تعرض مخيفة جدا ؛ هذا الترك يعتبر تخليا عن المسؤولية ، وإهمالا لفلذات الأكباد ، وإفسادا لهم .
وسائل الإعلام اليوم بأنواعها وقنواتها المتعددة لها تأثير كبير في تشكيل فكر الطفل وتوجيه سلوكه نظراً لما تبثه من مواد إعلامية فيها من التشويق والإثارة والجذب الشيء الكثير
فإن أردنا لهم أن يتعاملوا مع وسائل الإعلام فبمراقبة تامة على أن تكون البرامج المقدمة للطفل منبثقة أساساً من العقيدة الإسلامية ،وتثير اهتمام الطفل إلى غرس محبة الله ورسوله ،وتربي في نفسه تقوى الله وخشيته ، وتغرس فيه الإعتزاز بدينه وتاريخه وحضارته, وكل ما جاء به الدين ، وتغرس في نفس الطفل الأخلاق الفاضلة والسلوك القويم من خلال القصص المقدمة والبرامج المختلفة والمنوعة.
فلذات أكبادنا في خطر ،ذلك أن دول الكفر تعمل على هدم الإسلام في نفوسهم .
إن الإسلام يأمرنا بالحفاظ على أبنائنا وحمايتهم من كل شر , وأي شر بعد هذا الشر ؟!!
لا بد لا لنا أن نبني وأن نصنع شخصيات إسلامية تفكر على أساس الإسلام وأن نجعل من أبنائنا قلوبا تنبض بالإسلام ودماءً تسري في عروق الأمة بدل أن يصبحوا ذوي ثقافة مشوهة تفصلهم عن أمتهم ودينهم .
إنكم قد عرفتم فالزموا ، ولا تسكتوا على هذه الحال ولا تقصروا ، وليكن نبراسكم قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6
إن هذا الحل الذي نضعه بين أيديكم حل جزئي متعلق بضرر ومنكر يقع فلا بد من إزالته ، وهو ضرر يتعلق بالدين وبالأمانة التي أُنيطت بكل منكم في أبنائه .
إن الحل الجذري لهذه المشكلة وغيرها من مشاكل المسلمين لمشكلة التعليم وتثقيف أبنائكم بثقافة الإسلام وتعليمهم على أساس العقيدة الإسلامية لن يتم إلا بإقامة دولة الإسلام لأنها هي التي تقوم على أساس العقيدة الإسلامية. اللهم أعز الاسلام والمسلمين
اللهم أعنا على تربية أولادنا التربية الاسلامية الصحيحة اللهم اهدي شباب وبنات المسلمين لما يحبه ويرضاه
اللهم آمين
م\ن
موضوع رقم… 2272 -*- مساهمة رقم… 7320 |
|